هل تجوز الحجامة في رمضان من الأسئلة المهمة التي تشغل تفكير كثير من المسلمين، إذ إنّ معرفة أحكام الصيام ومبطلاته تُعتبر من الأمور الأساسية التي ينبغي على كل مسلم إدراكها،فصيام شهر رمضان يُعتبر ركنًا من أركان الإسلام، ويجب على كل مسلم قادر الالتزام به،وقد حدد الفقهاء عدة أمور تُعتبر من مبطلات الصيام والتي ذُكرت صراحةً في القرآن والسنة، مثل الأكل والشرب والجماع،ومع ذلك، تظل بعض المسائل محل جدل، مثل مسألة الحجامة في نهار رمضان، لذا سنتناول في هذا المقال بالتفصيل حكم الحجامة وكيفية التعامل معها خلال هذا الشهر المبارك.
تعريف الحجامة
الحجامة هي إحدى تقنيات الشفاء التقليدية التي استخدمت منذ العصور القديمة، حيث تعتمد على إحداث شق صغير في الجلد وسحب الدم الفاسد أو الملوث منه،في الأزمنة القديمة، كان يتم استخلاص هذا الدم بواسطة الفم، ولكن مع تقدم العلوم، تم استبداله بأدوات أكثر أمانًا، مثل الكؤوس الخاصة بالحجامة،تُعتبر الحجامة من السنن النبوية التي يفضل القيام بها، حيث أكد النبي محمد صلى الله عليه وسلم على فعاليتها في عدة أحاديث وردت في كتب السيرة.
طرق استخدام الحجامة
توجد أنواع مختلفة من الحجامة المستخدمة في العلاج، وهما
1- الحجامة الجافة
وهذا النوع من الحجامة لا يتطلب إجراء أي شق في الجسم،يتم استخدامها عادة لعلاج الأمراض المتعلقة بالروماتيزم وآلام المفاصل، حيث تقوم بخلق منطقة من الضغط السلبي تساعد على تحسين الدورة الدموية دون الحاجة لسحب الدم.
2- الحجامة الرطبة
تتضمن هذه الطريقة إجراء شق صغير في الجلد لسحب الدم الفاسد بصورة مباشرة،تُستخدم الحجامة الرطبة بشكل شائع لعلاج الحالات الصحية التي تتطلب التخلص من السموم أو الدم السيء المتجمع في الجسم، مما يسهم في تحسين حالة المريض بشكل عام.
فوائد التداوي بالحجامة
تتعدد فوائد العلاج بالحجامة، مما يجعلها من أساليب الطب البديل التي تحظى بشعبية كبيرة،ومن بين هذه الفوائد
- تنشيط الدورة الدموية.
- تحسين تدفق الدم في الشرايين والأوردة، مما يساعد في تسليك الشرايين.
- الحد من سموم الجسم والتخلص منها.
- تعزيز الذاكرة وكفاءتها.
- تقوية الحواس، خاصة حاسة السمع.
- تعزيز الجهاز المناعي.
- تقليل مستوى الكوليسترول الضار والدهون الثلاثية.
علاوة على ذلك، يمكن أن تساعد الحجامة في تحسين صحة بصيلات الشعر، وتعزيز أداء الجهاز الهضمي، والمساهمة في تخفيف آلام العضلات والتخلص من الشد العضلي وأعراض التوتر والقلق.
هل تجوز الحجامة في رمضان
تعد مسألة حكم الحجامة في نهار رمضان من الموضوعات التي تباينت فيها آراء الفقهاء، ويمكن تلخيص هذه الآراء في القضيتين التاليتين
1- الوجه الأول
يعتقد كل من الإمام أبو حنيفة والمالكي والشافعي أنه يجوز للصائم أن يقوم بالحجامة دون أن تفسد صيامه،وقد استندوا في رأيهم إلى ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قام بالحجامة وهو في حالة الصيام،حيث ورد عنه أنه احتجم وهو صائم، وهذا يؤكد على أن الحجامة لا تُعتبر من المفطرات.
2- الوجه الثاني
على الجانب الآخر، يذهب الإمام أحمد بن حنبل وبعض الفقهاء إلى أن الحجامة تفطر الصائم، ويجب على الصائم القضاء إذا أجراها،استند هؤلاء إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول “أفطر الحاجم والمحجوم” مما أشار إلى الأثر السلبي الذي قد تتركه الحجامة على حالة الصائم، سواء من حيث فقدان الدم أو الإرهاق الجسدي.
3- الوجه الثالث
أيدت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء وجهة النظر الثانية، حيث أكدت على أن الحجامة في نهار رمضان تؤدي إلى بطلان الصوم،وتوصى بعدم القيام بها خلال ساعات الصيام وتركها إلى ما بعد الإفطار.
4- الوجه الرابع
هناك رأي لبعض الفقهاء ينصح بالكراهة في إجراء الحجامة أثناء الصيام، موضحين أن الحجامة قد تؤدي إلى ضعف الصائم، ومن الأفضل تأخيرها إلى بعد الغروب، إلا إذا كان الصائم متأكدًا من عدم تأثره سلبًا بفعل الحجامة.
وفي ختام مقالنا، نرى أن المسألة المتعلقة بالحجامة في رمضان تمثل موضوعًا مهمًا يتطلب فقهًا عميقًا،يظهر أن الأرجح هو أنه يمكن القيام بالحجامة في نهار رمضان دون أن تُفطر، لكن يُفضل الانتظار بعد الإفطار لتجنب أي آثار سلبية قد تؤثر على الصيام،نأمل أن يكون المقال قد قدم المعلومات المفيدة التي يحتاجها القارئ.