تعتبر فترة النفاس من الفترات المهمة التي تمر بها المرأة بعد الولادة، وتلك المرحلة تتطلب اهتماماً وعناية خاصة،يتسائل الكثيرون عن طبيعة نزول دم النفاس بعد انقطاعه وكيفية التعامل مع هذه الحالة وفقاً للأحكام الشرعية،في هذا المقال، سنستعرض أسباب نزول الدم بعد الولادة، مدة النفاس، وطبيعة الإفرازات التي تظهر خلالها، إلى جانب الأعراض التي تستلزم استشارة طبيب مختص،سنتناول أيضاً الحكم الشرعي بشأن هذه القضية، مما يساعد في توضيح الأمور للمرأة والمحيطين بها.
سبب نزول دم النفاس
يعد النزيف الذي يحدث بعد الولادة، والذي يعرف بدم النفاس، ظاهرة طبيعية ترجع إلى عدة أسباب جوهرية،السبب الأساسي هو الانفصال الذي يحدث بين جدار الرحم والمشيمة بعد الولادة، مما يؤدي إلى تركب بعض الأوعية الدموية التي تنزف،لذا، بعد الولادة، يبدأ الرحم في انقباضاته، التي تهدف إلى تقليص حجم الرحم وإيقاف النزيف،يلعب الطبيب أيضاً دوراً هاماً من خلال تدليك الرحم بعد الولادة لمساعدته على الانقباض السريع.
تزداد انقباضات الرحم خلال الرضاعة الطبيعية نتيجة لتحفيز هرمون الأوكسايتوسين، مما يؤدي إلى الشعور بمزيد من الألم، وهو أمر طبيعي يحدث بسبب انقباض الرحم،إن تلك الانقباضات تخدم كوسيلة فعالة للسيطرة على النزيف، مما يساهم في تقليل كمية الدم التي يمكن أن تفقدها المرأة.
في معظم الحالات، يستمر نزول الدم بعد الولادة لفترة تتراوح ما بين أسبوعين إلى 10 أيام،ومع مرور الوقت، ستلاحظ المرأة أن كمية النزيف تتناقص بشكل تدريجي حتى تتوقف تماماً، وقد تستغرق هذه العملية فترة تصل إلى شهر أو شهر ونصف،إذا استمر النزيف لفترة أطول، يتعين على المرأة استشارة طبيب مختص للتأكد من عدم وجود أية مشاكل صحية قد تعيق عملية الشفاء.
إفرازات الرحم خلال فترة النفاس
إلى جانب النزيف الذي تلاحظه المرأة بعد الولادة، تبدأ الإفرازات الناتجة عن الرحم بال،تمتاز هذه الإفرازات بأنها مزيج من الدم والأنسجة التي تتجمع في الرحم، وقد يضاف إليها بعض البكتيريا،في الأيام الأولى بعد الولادة، يمكن أن تتشابه تلك الإفرازات مع دم الحيض من حيث اللون والملمس،في هذه المرحلة، تفقد المرأة كميات أكبر من الدم، مما يتسبب في ظهور إفرازات حمراء غامقة.
لسوء الحظ، لا تتوزع كميات تلك الإفرازات بشكل متساوي، مما قد يتسبب في تجلط بعض منها عند الاستلقاء لفترة زمنية طويلة،ومع مرور الأيام، تتغير طبيعة تلك الإفرازات، حيث تبدأ بالتحول من اللون الأحمر الغامق إلى اللون الفاتح، ثم تنتهي بلون أبيض أو أصفر بعد حوالي عشرة أيام من الوضع،يمكن أن تستمر إفرازات الرحم لفترة تمتد من أسبوعين إلى شهر، وقد يلاحظ البعض الانقطاع ثم العودة مجددًا.
أعراض يتوجب عندها استشارة طبيب مختص
تعكس فترة النفاس تغيرات كبيرة في جسم المرأة، ومن المهم مراقبة أي أعراض غير معتادة قد تؤشر إلى وجود مضاعفات،قد يؤدي النزيف المفرط أو استمرار النزيف لفترات طويلة إلى انخفاض حاد في ضغط الدم، مما يشكل تهديداً لحياة المرأة،لذلك، توصي الجهات الطبية بالراحة التامة وعدم القيام بأية مجهودات كبيرة بعد الولادة،من بين الأعراض التي تتطلب استشارة طبية فورية
- استمرار النزيف باللون الأحمر القاتم بعد مرور 4 أيام على الولادة.
- ظهور رائحة كريهة للإفرازات، أو ارتفاع في درجة حرارة الجسم، أو الشعور بشيء غير معتاد.
- عودة اللون الأحمر للدم بعد أن تغير للون الآخر.
- الاضطرار لتغيير الفوطة الصحية بشكل متكرر، كل أقل من ساعتين.
- ظهور تجلطات دموية كبيرة، حيث يبلغ حجم الواحدة منها تقريباً حجم الليمونة.
حكم الشرع في نزول دم النفاس بعد انقطاعه
تتفاوت الآراء الفقهية في تصنيف دم النفاس بعد انقطاعه،اتفق كل من العلماء المالكية والشافعية على أن الحد الأقصى لفترة النفاس هو 40 يوماً، ويمكن أن تمتد إلى 60 يوماً في بعض الحالات،إذا توقفت المرأة عن النزيف خلال الأربعين يوماً ثم نزل الدم مرة أخرى، عليها أن تمتنع عن القيام بأي فريضة من العبادات مثل الصلاة والصوم، حيث يُعتبر الدم الجديد استكمالاً لفترة النفاس.
أما إذا استمر النزيف بعد فترة الأربعين فسيعتبر دم استحاضة، باستثناء الحالات التي تتزامن فيها فترة النزيف مع وقت الحيض،كما أن بعض العلماء يرون أن النفاس قد يستمر شهرين، ويعد أي نزيف خلال تلك الفترة دم نفاس،لذا، يجب على المرأة أن تكون حريصة على حساب مدة النفاس والحيض بشكل جيد، وفي حال حدوث خطأ في الاحتساب، فإن الله يعفو عن ذلك.
في الختام، فقد تناولنا عبر هذا المقال موضوع نزول دم النفاس بعد انقطاعه بتفصيل مفيد، حيث قمنا باستعراض الأسباب، الأعراض، والأحكام الشرعية المتعلقة بذلك،نأمل أن يكون هذا المقال قد قدم لكم المعلومات الكافية التي تحتاجونها لإدارة هذه الفترة الهامة من حياتكم بشكل آمن وصحيح.