ماذا تعرف على الصرح الفرعوني معبد إسنا؟
تحظى المعابد المصرية القديمة باهتمام متزايد في السنوات الأخيرة، ويعتبر معبد إسنا واحدًا من أبرز المعالم الأثرية التي تبرز عراقة الحضارة المصرية،يكتسب هذا المعبد شهرة كبيرة بعد الزيارة الأخيرة التي قامت بها وزارة الآثار إلى مدينة الأقصر، مما دفع الجمهور للتساؤل حول مكوناته وتاريخه بالإضافة إلى جهود الترميم والمحافظة عليه،يمثل معبد إسنا مثالًا حيًا للحضارة القديمة وأهميتها في فهم التاريخ المصري، مما يستدعي تحليلًا عميقًا لهذا المعلم الذي يعود تاريخه إلى العصور الرومانية.
مكونات معبد إسنا أو معبد خنوم
يتكون معبد إسنا المعروف أيضًا بمعبد خنوم من صالة مستطيلة الشكل تتميز بتصميم معماري فريد يشير إلى طراز المعابد التي عُرفت في مصر خلال العصور اليونانية والرومانية،تدعم صالة المعبد 24 عمودًا بارتفاع يصل إلى 13 مترًا، وتزينها نقوش بارزة وتيجان نباتية بألوان زاهية،تشتهر هذه الصالة بأنها واحدة من أجمل صالات الأعمدة في مصر، نظرًا لتناسق نسبها ودقة نحت تيجان أعمدتها، بالإضافة إلى حالة الحفظ الجيدة لها،وتزين واجهة المعبد جدران نصفية أو ساترية تسهم في إخفاء المعبد وحماية أسرار الطقوس التي كانت تمارس داخله.
يحتوي المعبد أيضًا على تمثالين للمعبود حورس، المصور على هيئة صقر، على جانبي المدخل،بالإضافة إلى بقايا بيت الولادة (الماميزي) الموجود في الجزء الجنوبي من المعبد، الذي يحيط به مجموعة من الأعمدة ذات التيجان النباتية،يعتبر معبد إسنا شاهدًا على العمارة المصرية القديمة والرموز الدينية التي كانت تمثلها.
لماذا بُني معبد خنوم أو معبد إسنا في الأساس
بني معبد إسنا خصيصًا لعبادة الإله خنوم، الذي يُعتبر خالق البشر من الطين، ويُعرف بلقب خنوم رع سيد إسنا،يُصوَّر هذا الإله برأس كبش وجسد إنسان بينما يُجسد زوجته منحيت نيبوت، التي تحمل لقب “سيدة الريف”، وتظهر على هيئة امرأة تحمل قرص الشمس بين قرنين، مما يربطها بشكل وثيق بالإلهة إيزيس،والإلهة منحيت، زوجة خنوم، تصوّر برأس أنثى الأسد وقرص الشمس فوق رأسها، مما يضفي عليها طابع القوة المشابه للإلهة سخمت.
يبرز معبد خنوم في إسنا كمكان عبادة فريد من نوعه، حيث إنه الناجي الوحيد من أربعة معابد كانت موجودة في المنطقة،تم اكتشافه وتنظيفه من الرديم في عام 1843م خلال فترة محمد علي باشا، ويعود تاريخه إلى عصر الدولة الوسطى، وتحديدًا للأسرة الثانية عشرة (1991-1778 ق.م)،المعبد الحالي بُني على أنقاض معبد قديم يعود لعصر الأسرة الثامنة عشر، حيث وُجدت نقوش تحمل اسم الملك تحتمس من الفترة 1468-1436 ق.م،وقد تعرض معبد إسنا للهدم ثم أُعيد بناؤه في عصر الأسرة السادسة والعشرين، مما يبرز استمرار الأهمية المعمارية والدينية لهذا المعلم.
جدير بالذكر أن معظم تفاصيل وحدود المعبد تقع حاليًا تحت المنازل الحديثة التي تحيط به في مدينة إسنا، مما يستدعي جهودًا إضافية للحفاظ على هذا المعلم الأثري المهم والبحث عن المزيد من المعلومات حول تاريخه.
تعتبر جهود الحفاظ على المعابد المصرية وتاريخها جزءًا لا يتجزأ من هوية الشعب المصري وثقافته،معبد إسنا يعتبر شهادة على عظمة الحضارة المصرية واستخداماتها للفن والهندسة في عبادة الآلهة،إن فهم تاريخ هذا المعلم والتحقيق في تفاصيله لهو خطوة مهمة للحفاظ على تراث البشرية الجمعي،مع تزايد الاهتمام بالآثار المصرية، يجب أن تكون المبادرة إلى ترميم وصيانة هذه المعابد من أولويات الجهات المعنية لتحقيق الاستدامة للحضارة الفرعونية.