يزيد بن معاوية، الخليفة الأموي الثاني، يعتبر من الشخصيات البارزة في التاريخ الإسلامي، فهو ليس فقط قائدًا سياسيًا ولكن أيضًا شاعرًا بارزًا قدم إسهامات قيمة في الأدب العربي،وُلد في عام 26 هـ (647 م)، وتمكن خلال مسيرته من استغلال موهبته الشعرية للتعبير عن مشاعره وأفكاره،هذا المقال يستعرض بعض جوانب حياة يزيد بن معاوية وأساليبه الشعرية، مما يتيح لنا فهم أعمق لشخصيته وتفكيره في تلك المرحلة التاريخية.
نبذة عن يزيد بن معاوية
- اسمه الكامل يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي القرشي الدمشقي.
- مولده في عام 26 هـ (647 م).
- توليه الحكم تولى الخلافة بعد وفاة أبيه معاوية بن أبي سفيان في عام 60 هـ.
- والدته السيدة ميسون بنت بحدل الكلبية.
- تعليمه نشأ يزيد في البادية مع أخواله قبل أن يعود إلى أبيه ويكتسب التعليم من العلماء.
- معارضته عانى من معارضة شديدة من قبل عبد الله بن الزبير وعلي بن الحسين خلال فترة حكمه.
أبيات شعر يزيد بن معاوية
يُعتبر شعر يزيد بن معاوية مميزًا ومؤثرًا، حيث كتب العديد من القصائد التي تعبر عن مشاعره وآرائه،سنستعرض بعضًا من أشهر قصائده، والتي تمثل جزءًا مهمًا من تراث الأدب العربي في عصره
القصيدة الأولى
بِجَمعِ جَفنَيكِ مَنُّ البُرءِ وَالسَقَمِ.
لا تَسفِكي مِن جُفوني بِالفِراقِ دَمي.
إِشارَةٌ مِنكِ تُعييني وَأَفصَحُ ما.
رُدَّ السَلامُ غَداةَ البَينِ بِالعَنَمِ.
تَعليقُ قَلبي بِذاتِ القُربِ يُؤلِمُهُ.
فَليَشكُرِ القُرطُ تَعليقًا بِلا أَلَمِ.
تَضَرَّمَت جَمرَةٌ في ماءِ وَجنَتِها.
وَالجَمرُ في الماءِ خافٍ غَيرُ مُضطَّرِمِ.
وَما نَسيتُ وَلا أَنسى تَحَشُّمَها.
وَميسَمُ الحُرِّ عَقلٌ غَيرُ ذي غَلَمِ.
حَتّى إِذا طاحَ عَنها المِرطُ مِن دَهَشٍ.
وَاِنحَلَّ في النَظمِ عَقدُ السِلكِ في الظُلَمِ.
وَظِلتُ أَلثَمُ عَينَيها وَمِن عَجَبٍ.
أَنّي أَقَلُّ أَسِيًّا فَاِسفِكِنَّ دَمي.
القصيدة الثانية “وقائلةٍ لي حين شبهتُ وجهَها”
وَقائِلَةٍ لي حينَ شَبَّهتُ وَجهَها.
بِبَدرِ الدُجى يَومًا وَقَد ضاقَ مَنهَجي.
تُشَبِّهي بِالبَدرِ هَذا تَناقُصٌ.
بِقَدري وَلَكِن لَستُ أَوَّلَ مَن هُجي.
أَلَمَ تَرَ أَنَّ البَدرَ عِندَ كَمالِهِ.
إِذا بَلَغَ التَشبيه عادَ كَدُملُجي.
فَلا فَخرَ إِن شَبَّهتَ بِالبَدرِ مَبسَمي.
وَبِالسِحرِ أَجفاني وَبِاللَيلِ مَدعَجي.
القصيدة الثالثة “آبَ هذا الهمّ فاكتَنعا”
آبَ هَذا الهَمُّ فَاِكتَنَعا.
وَأَتَرَّ النَومَ فَاِمتَنَعا.
جالِسًا لِلنَجمِ أَرقُبُها.
فَإِذا ما كَوكَبٌ طَلَعا.
صارَ حَتّى أَنَّني لا أَرى.
أَنَّهُ بِالغَورِ قَد وَقَعا.
وَلَها بِالماطرونَ إِذا.
أَكَلَ النَملُ الَّذي جَمَعا.
خُرفَةٌ حَتّى إِذا رَبَعَت.
ذَكَرَت مِن جِلَّقٍ بيعا.
في قِبابٍ حَولَ دَسكَرَةٍ بَينَها.
الزَيتونُ قَد يَنَعا.
القصيدة الرابعة “قصيدة بن معاوية عن الحب”
أَراكَ طَروبًا ذا شَجًا وَتَرَنُّمٍ.
تَميلُ إِلى ذِكْر المَحاسِن بالفَمِ.
أَصَابكَ عِشْقٌ أم رُميتَ بأَسْهُم.
فَما هذهِ الأسجيَة مَن رمي.
ألا فاسقِني كاساتِ خَمْرٍ وغنِّ لِي.
بذِكرِ سُلَمَى والرَّباب وتنَعّم.
أغَارُ عَلى أعطافِها مِن ثِيابِها.
إذا لبِسَتها فَوْق جسمٍ منعم.
وأحسُد كاساتٍ تُقبّلُ ثَغرَها.
إذا وَضَعتهَا موضِع اللّثم في الفَم.
فَلا تَحسبوا أنّي قُتِلتُ بصارمٍ.
ولكن لحاظ قدْ رَمَتني بأسْهُم.
تُظهر هذه النماذج من شعر يزيد بن معاوية تنوع مشاعره وأفكاره، سواء كانت تتعلق بالحب أو الشجاعة،كانت قصائده تعكس جزءًا كبيرًا من ثقافة عصره، وتمكن من إثبات نفسه كشاعر متمكن في مجاله،نستنتج كمية كبيرة من الدروس والعبر من شعره، مما يساهم في فهمنا للشخصيات التاريخية ودورها في تشكيل التاريخ الثقافي.
في الختام، يمكن القول إن يزيد بن معاوية هو إحدى الشخصيات المعقدة في التاريخ العربي، حيث يتجلى ذلك من خلال اهتمامه بالشعر والفن وتفاعلها مع واقعه السياسي،عبر قصائده، نلمس مشاعر الحب والشغف، والألم والمعاناة التي عاشها،تظل أشعاره حجر الزاوية لفهم مرونة الثقافات العربية وتأثيرها على مر العصور،نأمل أن يكون هذا المقال قد أضاف لك بصيرة جديدة حول يزيد بن معاوية كمهمة تاريخية وشاعر مبدع.