حكم سب الدين عند الغضب يعتبر من المواضيع الحساسة والمهمة التي ينبغي على المسلمين إدراكها،هذا الموضوع يكتسب أهمية بالغة في ظل ما نراه من تفشي ظاهرة سب الدين في المجتمع، خصوصًا بين الشباب والمراهقين،فقد بات من الضروري فهم موقف الدين الإسلامي من هذه العادة السيئة، أو بالأحرى الفعل القبيح، الذي يمس جوهر الدين وعقيدة الأفراد،سنستعرض في هذا التقرير حكم الدين في هذا الصدد، وشروط التوبة اللازمة لإصلاح النفس والعودة إلى الله.
حكم سب الدين عند الغضب
ورد في القرآن الكريم في سورة التوبة الآيات من 64 إلى 66 قول الله تعالى
“يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُم بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ ۚ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ * وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ۚ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ۚ إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ
الذي يسب دينه قد يوشك أن يغرق في بحر الكفر وتخرج روحه من دائرة الإيمان،لذلك، يجب عليه أن يتوب إلى الله عن هذه المعصية دون إبطاء، وأن يستشعر حجم الذنب المترتب عن تلك الأفعال المشينة الموجهة ضد قيم دينه،وهذا يتطلب منه جهدًا وإرادة قوية ليتحول مرة أخرى إلى الإنسان المؤمن الذي يلتزم بالعبادات والسنة النبوية.
يجب على المسلم أن يعلم أن باب التوبة مفتوح دائمًا، وأن الله سبحانه وتعالى يتقبل التوبة من عباده، حيث يقول في سورة الزمر الآية 53
“قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ”
شروط التوبة من سب الدين
بعد مناقشة حكم سب الدين، من المهم أن نتناول شروط التوبة لضمان قبولها من الله تعالى، مما يمكن المسلم من التمتع بحياة كريمة بلا عذاب الباطل والذنب،لذا، في ما يلي نوضح شروط التوبة التي لا بد منها
1- الإخلاص في التوبة
ينبغي أن تكون النية خالصة لله تعالى، وذلك يشمل توبته من سب الدين،الإخلاص شرط أساسي يتضمن عدم وجود رياء أو أسباب أخرى منفعة شخصية،فكما ورد في الحديث النبوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
“إنما الأعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه” (صحيح).
إذا كانت النية غير صافية، فلن تُقبل التوبة، فلا بد أن يسعى المسلم جاهدًا للإقلاع عن الذنب وترك الرياء.
2- الندم على الذنب
التوبة لا تكون بالإقلاع عن الذنب فحسب، بل يجب أن يكون التائب نادمًا بشدة على ما فعل،ولذلك، من الضروري استشعار مدى سوء الفعل الذي اقترفه، حيث أنه يحمل آثارًا سلبية خطيرة على العقيدة،فالندم هو علامة صدق التوبة.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية معاذ بن جبل
” لقد سألتَ عن عظيمٍ، وإنه لَيسيرٌ على ما يسَّره اللهُ عليه….”
3- الإقلاع عن السب
على المسلم أن يتعهد بعدم العودة إلى سب الدين مرة أخرى،يجب أن يعمل على تحسين لغته وأفعاله من خلال ذكر الله والالتزام بالأخلاق الإسلامية،اللسان يجب أن يكون مطيعًا للحق وأن يتجنب كل ما يغضب الله.
4- أن تكون التوبة قبل حضور الأجل
يتعين على الشخص أن يغتنم الفرصة قبل أن يفوت الأوان، فالله يقبل توبة عباده حتى تحين ساعة الوفاة،لذا، التوبة قبل قدوم الآجال من الأهمية بمكان، وقد ورد في سورة النساء الآيتين 17-18
“إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب، فأولئك يتوب الله عليهم”
والخلاصة أن المسلم يجب أن يتحلى بالتقوى وأن يسعى لجعل لسانه رطبًا بذكر الله، مع الحرص على عدم العودة لتلك العادات غير المستحبة،إن ديننا الإسلامي هو أعظم ما نملك، ويتطلب منا أن نرفع من شأنه وأن نفخر به بدلاً من انتقاده أو سبّه.