تعتبر مسألة لمَس المؤخرة وتأثيره على الوضوء من الموضوعات التي تثير جدلاً واسعًا بين الفقهاء،يتناول هذا البحث الآراء المختلفة حول ما إذا كان لمَس المؤخرة ينقض الوضوء أم لا، ويستند إلى الأدلة الشرعية والفتاوى من مختلف المذاهب،يسعى هذا المقال إلى تسليط الضوء على الآراء المختلفة للفقيهاء، والتي تعكس فقه الطهارة واستنباط الأحكام من النصوص الدينية،نسعى لإلقاء الضوء على الأدلة المتنوعة لكل رأي ومناقشة أدلتها من خلال منظور فقهي شامل.
هل لمَس المؤخرة ينقض الوضوء
يخلق السؤال حول ما إذا كان لمَس المؤخرة ينقض الوضوء نقاشًا جدليًا في الأوساط الفقهية،اتفق الفقهاء على أن لمَس المؤخرة خلال الاستنجاء والتطهر لا يمس بوضوء الشخص، وذلك لأن خروج الغائط يتطلب منه تجديد وضوئه من دون الحاجة لبحث آخر،أما في سياقات أخرى، فقد تناول الفقهاء هذه المسألة تحت باب “مس الدبر”.
يؤكد الفقهاء أن الحكم حول لمَس المؤخرة يعتمد على السياق، حيث يتم تصنيف الآراء حولها إلى قسمين رئيسيين،كما يختلف علماء الدين في تفسير المسألة، لذا يتعمق هذا البحث في فهم هذه الآراء المتباينة وتقديم الأدلة التي استند إليها الفقهاء.
الرأي الأول في حكم مس الدبر
ينظر أصحاب الرأي الأول إلى أن لمَس المؤخرة ينقض الوضوء، وهم يمثلون فقهاء الشافعية وبعض فقهاء الحنابلة،فلكي نُفسّر هذا الرأي، نجد أن هناك عدة نصوص تؤكد على وجوب الوضوء عند مس الفرج، وهذا يشمل الدبر وفقًا لهؤلاء العلماء،ومن أبرز الأدلة التي قدموها، نصوصٌ عن الإمام النووي والماوردي، حيث أكدوا على أن لمَس المؤخرة يسقط الطهارة.
- فتاوى الإمام ابن باز تتناول موضوع المس بشكل صريح، حيث يقول إن مس الفرج يستدعي وضوءًا جديدًا، وهذا يشمل كلاً من الذكر والدبر.
أدلة الرأي الأول
استند الفقهاء في رأيهم إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم “أيُّما رجلٍ مسَّ فَرجَه فلْيَتوضَّأ، وأيُّما امرأةٍ مسَّت فرجَها فلْتتوضَّأْ”،هذه الدلالات تشير إلى أهمية فهم الفرج كشيء واحد، وإلى أن الدبر هو جزء من ذلك.
الرأي الثاني في حكم مس الدبر
من ناحية أخرى، يوجد رأي من فقهاء الحنفية والمالكية ووجهات نظر أخرى من الحنابلة، حيث يعتقد هؤلاء بأن لمَس المؤخرة لا ينقض الوضوء،تركز هذه الآراء على اعتبارات مختلف تجعلهم يستنتجون أن لمَس الدبر ليس مُنافٍ للطهارة، وهو أمر يوضح عما إذا كان الدبر يُسمّى فرجًا،يحمل هؤلاء العلماء أيضًا تأكيدات على أن النصوص المتعلقة بوجوب الوضوء من مس الفرج تقدم دلالات مشتركة لا تشمل الدبر بالضرورة.
- تُظهر كتب مثل “البحر الرائق” و”الحاوي الكبير”، وكذلك بعض فتاوى إمام الثوري، نطاقًا واسعًا من الآراء التي تضع وجهات نظر هذا الرأي في الاعتبار.
أدلة الرأي الثاني
استند العلماء الذين يرون عدم نقض الوضوء إلى حديث يُظهر أن الذكر هو جزء من الإنسان، وذلك يُشير إلى أن مسّه لا يُعطي مبررًا للوضوء،كما أن النصوص المتعلقة بنقض الوضوء عندما يتعلق الأمر بالدرونات لم تُثبت في الدبر.
رأي دار الإفتاء المصرية في نقض الوضوء بلمس الدبر
في سياق الحوار الفقهي، أعرب الإمام الأكبر شيخ الأزهر عن عدم انتشار مفهوم انقضاض الوضوء بسبب التدخين، مؤكدًا أن الأمور تتطلب طهارة إذا تم المس بدون حائل،وقد أشار أيضًا إلى نقائص متنوعة تعود بالنقض على الوضوء، بما في ذلك المس المباشر للدبر بيد بلا حائل.
في نهاية المطاف، يتضح أن مسألة لمَس المؤخرة وتأثيره على الوضوء ليست بسيطة كما قد تبدو، إذ إن الفقهاء يختلفون في آرائهم ودلائلهم،بعد تقديم المناقشات حول الرأي المقدم من مختلف المذاهب والمصادر، أصبح جليًا أن المسألة تتطلب فهمًا دقيقًا للأحكام الشرعية والاحتياطات التي ينبغي اتبُاعها لضمان الطهارة في السلوك الديني،وجود تباين في الآراء يعطي الإرشاد للمسلمين حول مراعاة مختلف الاعتبارات حال التعامل مع القضايا الشرعية، مما يؤكد أهمية الفهم المتواصل والبحث في النصوص الشرعية،نختتم المقال بالدعاء أن يجمعنا الله على الحق والهدى، وأن ينعم علينا بالتوفيق في الامتثال لأحكامه.