طريق بلا نهاية: قراءة في فلسفة الحياة والقدر في رواية أحمد أبوتليح

طريق بلا نهاية: قراءة في فلسفة الحياة والقدر في رواية أحمد أبوتليح
أحمد أبوتليح

تبدأ قصة “طريق بلا نهاية” للأديب أحمد أبوتليح بداية تقليدية من الاستيقاظ من النوم والذهاب إلى العمل، ليحدث بعد ذلك ما لم يتم توقعه. تبدأ إصلاحات بالطريق، ويأتي تنبيه بالمرور من طريق آخر، لكن يتم ذلك بعد فوات الأوان، فلا سبيل للعودة مرة أخرى للطريق الصحيح.

تحدث هذه اللحظات في حياتنا كثيراً؛ فنطرق دروباً ما كان علينا أن نطرقها، ونسير فيها وكأننا معصوبي الأعين. لكن بعد ذلك، نكتشف خطأ خياراتنا، ونندم، ولكن بعد فوات الأوان. فنعمل أو نتزوج أو نسكن في مكان غير الذي أردناه منذ البداية، فنعيش في عالم آخر مختلف.

استخدم الكاتب لغة صحيحة ومناسبة للسرد، ليأخذنا إلى عالم من الفانتازيا والغرائبية، محملاً بعلامات استفهام وتعجب، مما يجعلنا نتساءل في حيرة عن ماهية ما يحدث. كيف تنعكس الأوضاع وما دلالة ذلك وماذا يعني؟ من خلال سرده المشوق، يعرض لنا الكاتب قضايا فلسفية هامة تتعلق بطبيعة الحياة والقدر. ماذا لو تغير القدر لتتحول حياتنا من حياة إلى أخرى ومن طبيعة إلى طبيعة مغايرة؟

هل سيحقق لنا هذا التغيير ما نبغيه من سعادة؟ هل سيتحقق بداخلنا الرضا عن أنفسنا، فتتلاشى المشاعر الإنسانية السلبية كالحقد والكراهية والطمع والخوف؟ هل ستتبدل هذه المشاعر بأخرى إيجابية، فتدخل الطمأنينة وتحل محلها الرضا والسعادة؟

هنا، يطرح النص الكثير من الأسئلة الوجودية. فرغم بساطة الفكرة، فإنها عميقة في الوقت ذاته. نتخيل هذه الفرضيات المستحيلة على القدرة البشرية المقيدة، لكن لا استحالة على قدرة الخالق الذي أنشأ هذا الوجود بكل ما يحويه من كائنات وجمادات. نجد الإجابة في نهاية النص رغم الأسئلة التي طرحها.

يضع الكاتب رمزًا ليؤكد على حقيقة بعينها: إن الطمع لا ينتهي. فمهما تغيرت الطبيعة وفقًا لرغباتنا المكبوتة، فإن ذلك ليس معناه انتهاء الرغبات والمطامع. يستمر اللهث رغبة في التغيير، وهنا تتجلى حكمة الله الذي فرض على كل كائن طبيعة وسلوكًا لا يحيد عنه. فتقف جميع النظريات العلمية والتطور اللامحدود للقدرات البشرية عاجزين أمام قدرة الله.

أجاد الكاتب في استخدام الحوار، فكشف لنا عن طبيعة المشاعر بداخل الشخصيات. كما استخدم الأنسنة كتقنية من تقنيات القصة، فأطلق العنان للحيوانات لتعبر عن نفسها، مما يضيف بعدًا جديدًا لروايته ويعزز من عمق التجربة الإنسانية المطروحة.