في خضم العلاقات الزوجية، يتضح أن مبادئ الصدق والثقة هما جوهر الحياة المشتركة بين الزوجين،ومع ذلك، قد تطرأ بعض الظروف التي تدفع الزوجة إلى إخفاء أموالها عن زوجها، الأمر الذي يثير تساؤلات حول مشروعية هذا الفعل من منظور ديني،يتطرق هذا المقال إلى مختلف الحالات التي قد تجعل الزوجة تختار إخفاء المال، مع توضيح الأحكام الدينية المتعلقة بهذه التصرفات،يتناول المقال أيضًا السياقات الاجتماعية والنفسية لهذه السلوكيات وتأثيرها على العلاقة الزوجية.
هل يجوز إخفاء المال عن الزوج
تشير العديد من الزوجات إلى وجود مشكلات قد تنجم عن بعض الصفات السلبية التي قد يتحلى بها الأزواج،فعلى سبيل المثال، قد يظهر بعض الأزواج بمظهر البخل، مما يؤدي إلى تقصير في الإنفاق على أسرهم،وفي هذه الحالات، تشعر الزوجة بالقلق حيال تدبير الأمور المالية وتلجأ لإخفاء بعض المال الذي قد يكون خاصًا بها، حيث تعمل وتكتسب أموالها من جهودها الذاتية.
هناك أيضًا بعض الزوجات اللاتي يتلقين مساعدات مالية من عائلاتهن، سواء كانت تلك المساعدات بسبب صعوبات مالية هن فيها، أو أنها نتاج إرث،هذا الموقف يعزز فكرة إخفاء المال، مما يدعو للتفكير في مدى مشروعية ذلك،إذن، تتساءل الزوجة في هذه الظروف هل يجوز إخفاء المال عن الزوج وما العواقب الدينية التي قد تترتب على ذلك، إن وجدت لذا، سنقوم بتحليل كل حالة على حدة ونكشف عن الفتاوى المتعلقة بها.
الزوجة التي تخفي المال من زوجها وهو غير مُقصر
من المهم فهم أن هناك زوجات قد يخفون الأموال عن أزواجهن بالرغم من سعة أفقهم وكرمهم،يعتبر هذا الأمر غير مبرر في نظر الشريعة، حيث أصدرت دار الإفتاء فتوى تؤكد عدم جواز ذلك،إذا كانت الزوجة تتلقى المال من زوجها ومع ذلك تخفي عنه بعض الأموال دون مبرر، فإن ذلك يُعتبر خيانة للثقة المتبادلة بين الزوجين،وإذا كان الزوج يتفهم حاجتها للمدخرات، وتم الاتفاق بينهما على ذلك، فإن إخفائها في هذه الحالة لا يُعتبر جريمة.”;
تؤكد الفتوى أن الغموض بشأن النفقات يأتي بحذر، خاصة إذا كان الزوج ينفق بسعة وكرم، حيث يشدد على ضرورة الشفافية في الأمور المالية بين الزوجين.
إخفاء المال عن الزوج الذي لا ينفق على أسرته
في بعض الأحيان، تجد الزوجة نفسها في موقف صعب حينما يكون الزوج مقصرًا في مسؤوليته المالية،إذا كان الزوج لا يوفر احتياجات أسرته الأساسية، فإن الزوجة تكون في وضع يمكنها فيه اتخاذ قرارات مالية دون استشارته،من حقها أخذ بعض المال من دون إذنه، مما يمكنها من تلبية احتياجات أطفالها وأسرها،ومع ذلك، يجب أن لا يتجاوز ذلك ما يكفي لتلك الاحتياجات، حتى لا يُعتبر تبذيرًا.
إخفاء الزوجة لمال يخصها عن زوجها
في سياق الحديث عن إخفاء المال، من الواجب أن نرى الأمور من منظور مختلف،إذ أن بعض الزوجات يتلقين مبالغ مالية من عائلاتهن، سواء كان ذلك كتقديم مساهمات دورية أو هدايا،من هنا، يحق للزوجة الحفاظ على خصوصية تلك الأموال وإخفائها عن زوجها إذا رغبت بذلك،هذا ما أكدت عليه الفتوى رقم 9116 من دار الإفتاء، حيث تشير إلى أن تلك المساعدات هي عطية خاصة بالزوجة ولا يحق للزوج أخذ منها شيئًا دون موافقتها.
ينطبق ذلك أيضًا على الميراث، حيث يحق للزوجة إخفاء المال الذي ورثته، ولها حرية التصرف فيه كما تشاء،إذا كان الزوج من الأزواج المحترمين، فمن المفيد أن تسهم في مساعدته إذا استدعت الحاجة دون أن تشعر بالذنب.
إخفاء الزوجة راتبها عن زوجها
في حالات العمل، قد تقوم بعض الزوجات بإخفاء راتبهن عن أزواجهن، مما يطرح تساؤلات حول مدى مشروعية هذا التصرف،وقد أكدت دار الإفتاء على أن راتب الزوجة يُعتبر مالًا خاصًا بها، وليس للزوج حق في معرفة مقداره أو التصرف فيه،ومع ذلك، إذا كان هناك اتفاق بين الطرفين على التعاون في النفقات، فإن مشاركة جزء من الراتب أو إخفاء الشق الآخر لا يُعتبر خطأ.
إخفاء الزوجة مال من زوجها للتصدق منه
هناك حالات أخرى تلجأ فيها الزوجة لإخفاء المال عن زوجها بهدف التصدق،في الواقع، إذا كان الزوج بخيلًا ويعاني من نقص في اهتمامه بالصدقات، يمكن للزوجة أخذ المال للتصدق به، ولكن يُشترط أن يكون ذلك لحب الله وإرضائه،وقد أشار فضيلة الإمام أحمد الطيب إلى أن الصدقة من مال الزوج تتطلب النية الخالصة، وفي حال كانت بهدف الإساءة أو لإظهار السيطرة على الزوج، فإن ذلك يعتبر تصرفًا غير مقبول.
باختصار، ينبغي على الزوجين العمل معًا على بناء علاقة قائمة على الثقة والتفاهم،فالحياة الزوجية تحتاج إلى التعاون في كل النواحي لتحقيق أسرة متماسكة وقوية، لذا يجب الوعي بمسؤولية كل طرف والعمل على تعزيز التواصل بينهم.