من هو فتح الله غولن ويكيبيديا نهاية رحلة طويلة من الصراع مع إردوغان

من هو فتح الله غولن ويكيبيديا نهاية رحلة طويلة من الصراع مع إردوغان
من هو فتح الله غولن ويكيبيديا نهاية رحلة طويلة من الصراع مع إردوغان

في تطور غير متوقع يشهده المشهد السياسي التركي، أعلن في أكتوبر 2024 عن وفاة الداعية التركي فتح الله غولن في الولايات المتحدة عن عمر يناهز 83 عامًا. غولن، الذي عاش في منفاه في بنسلفانيا منذ عام 1999، كان محط اتهامات مباشرة من الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بشأن وقوفه خلف محاولة الانقلاب الفاشلة في عام 2016. ومع وفاته، تنتهي حقبة مليئة بالصراعات والملاحقات، لكنه يترك وراءه إرثًا سياسيًا ودينيًا عالميًا.

سنوات المنفى والملاحقات المستمرة

عاش فتح الله غولن أكثر من عقدين في منفاه بالولايات المتحدة بعد خروجه من تركيا في أواخر التسعينيات. رغم محاولات النظام التركي المتعددة لإعادته ومحاكمته بتهم الإرهاب والتآمر على الدولة، إلا أن الولايات المتحدة رفضت تسليمه مرارًا وتكرارًا. ورغم أن غولن أنكر أي علاقة له بمحاولة الانقلاب، إلا أن حكومة إردوغان واصلت توجيه الاتهامات له، بما في ذلك محاولة الانقلاب العسكري في عام 2016.

مع تعاظم الخلاف بينه وبين إردوغان، تزايدت التوترات، مما جعل غولن رمزًا للمعارضة في الخارج ومحل اتهامات بالإرهاب في الداخل. كما استمرت تركيا في تقديم تقارير وتقنيات مراقبة لرصد تحركاته في الولايات المتحدة، حيث شملت استخدام الطائرات المسيرة لمراقبة حياته.

نشأة غولن وتأسيس حركة “حزمت”

وُلد فتح الله غولن في 11 نوفمبر 1938 في قرية كوروجك بمحافظة أرضروم التركية. نشأ في عائلة متدينة وبدأ حياته المهنية كإمام، حيث ألقى دروسًا دينية وخطبًا في المساجد المحلية. وفي السبعينيات، أسس غولن حركة “حزمت” التي عرفت بنشر التعليم والقيم الإسلامية المعتدلة. توسعت هذه الحركة لتصبح شبكة عالمية تشمل مدارس وجامعات في أكثر من 100 دولة حول العالم.

كانت رسالته قائمة على قيم التعليم والتسامح، وقد اكتسبت حركته شعبية كبيرة بين الأوساط التعليمية والإنسانية، لا سيما بفضل الكتب التي كتبها والتي تُرجمت إلى أكثر من 40 لغة. وبالرغم من الانتقادات التي واجهها، استمرت الحركة في التأثير على ملايين الأشخاص حول العالم.

الصدام مع إردوغان: تصاعد الخلاف في 2013

كان غولن في بداياته حليفًا لحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، لكن هذا التحالف انهار بشكل حاد في عام 2013. حينها، اندلعت تحقيقات فساد استهدفت مسؤولين مقربين من الرئيس إردوغان، وقد تم اتهام غولن بالوقوف خلف تلك التحقيقات، وهو ما اعتبرته الحكومة التركية محاولة للإطاحة بالحكومة المنتخبة.

هذا الصدام دفع إردوغان إلى القيام بحملات تطهير واسعة في المؤسسات الحكومية التركية، شملت إقالة الآلاف من الموظفين في الشرطة والقضاء، في محاولة لقطع تأثير حركة غولن. وتبع ذلك سلسلة من المحاكمات التي طالت أعضاء حركة “حزمت”، حيث صدرت أحكام مشددة بالسجن المؤبد على العديد من أنصار الحركة.

ملاحقات قضائية وأحكام بالسجن على أنصار غولن

بعد فشل محاولة الانقلاب في عام 2016، صعدت الحكومة التركية من ملاحقاتها القضائية لأنصار غولن. ووفقًا لتصريحات وزير العدل التركي يلماز تونتش، تم اتخاذ إجراءات قانونية ضد ما يقارب 693 ألف شخص من المنتمين لحركة غولن، وصدر بحق 1634 منهم أحكام بالسجن المؤبد. كما شملت الحملة اعتقالات موسعة وأحكامًا قاسية على الآلاف من المسؤولين والموظفين الذين اتهموا بدعم الحركة أو التورط في الانقلاب.

التأثير الدولي لحركة “حزمت”

رغم كل هذه الضغوط، لم تضعف حركة غولن على المستوى الدولي. حيث استمرت في إدارة شبكات تعليمية وإنسانية عبر مدارسها وجامعاتها المنتشرة في أكثر من 100 دولة حول العالم. هذا الانتشار الدولي أكسب الحركة دعمًا واسعًا في المجتمعات التي تخدمها، وخاصة في مجال التعليم. حتى مع الحملة المستمرة من الحكومة التركية لتشويه سمعة الحركة وربطها بالإرهاب، إلا أن تأثير الحركة استمر في الانتشار دوليًا.

مستقبل حركة غولن بعد وفاته

بعد وفاة فتح الله غولن، يبقى السؤال المطروح: هل ستستمر حركة “حزمت” في التأثير بالطريقة التي كانت عليها خلال حياته؟ هناك توقعات بأن وفاة غولن قد تكون نقطة تحول في مستقبل الحركة، خصوصًا وأنها اعتمدت بشكل كبير على شخصيته القيادية. على الرغم من أن الحكومة التركية من المرجح أن تستمر في ملاحقة أعضاء الحركة، إلا أن وفاة مؤسسها قد تؤدي إلى تغييرات في هيكل القيادة والتأثير.

الخاتمة: إرث غولن بين التعليم والسياسة

بوفاة فتح الله غولن، تختتم حقبة مليئة بالتحديات والملاحقات السياسية التي استمرت لعقود. كان غولن رمزًا لحركة تسعى للتأثير على العالم من خلال التعليم والقيم الإسلامية المعتدلة، وقد نجح في بناء شبكة تعليمية وإنسانية ذات تأثير واسع. ومع ذلك، يبقى تأثيره على السياسة التركية حاضرًا في الأذهان، ومن المتوقع أن يستمر الجدل حول دوره في محاولة الانقلاب لسنوات عديدة قادمة. ورغم وفاته، لا تزال حركة “حزمت” تواجه تحديات وضغوطًا كبيرة من الحكومة التركية، ولكن إرثها العالمي سيظل قائمًا.