تعتبر سورة الإخلاص من السور القرآنية ذات الأهمية الكبيرة، حيث تحمل في طياتها معاني سامية تعكس توحيد الله عز وجل،الكثير من المسلمين يتحدثون عن فضل قراءة هذه السورة ويدعون إلى ممارستها بشكل متكرر، مما دفع إلى انتشار بعض المفاهيم حول عدد محدد من التلاوات المرتبطة بها،في هذا المقال، سنقوم بمناقشة الفهم الصحيح لهذا الأمر، وسنتناول فضائل سورة الإخلاص التي ثبتت من خلال السنة النبوية، لنظهر ما إذا كانت هناك أي بدع مرتبطة بقراءة سورة الإخلاص بشكل مفرط.
قراءة سورة الإخلاص 3626 مرة
يعتقد البعض أن قراءة سورة الإخلاص 3626 مرة تحمل فضائلا خاصة، وهذا الاعتقاد يعتمد في الغالب على بعض الروايات غير الصحيحة،حيث أن هذه الممارسة تخرج عن السنة النبوية،إذ أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد عنه أنه أوصى بقراءة السورة بهذا العدد المحدد، بل لم تُستند إلى نصوص صحيحة، بل يعتبر ذلك من الابتداع.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” اقْرَئُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ ”، وهذا يدل على أهمية قراءة القرآن بشكل عام والتمسك بما ثبت عنه من الأحاديث،كما أنه ذكر بعض السور التي لها فضل عظيم مثل سورتي البقرة وآل عمران.
يؤكد الحديث أن ما يتردد حول فضل قراءات معينة دون وجود نص صريح منيٌ بالذكر في السنة النبوية يعد من الأحاديث المدلسة، ويتعين على المسلم أن يكون حذرًا ولا يروج لبدع غير مستندة إلى السنة،فكما قال النبي صلى الله عليه وسلم ” مَن أَحْدَثَ في أَمْرِنَا هذا ما ليسَ فِيهِ، فَهو رَدٌّ ”، ما يعني ضرورة التمسك بالصحيح وعدم الانزلاق نحو البدع.
فضل قراءة سورة الإخلاص
سورة الإخلاص لها فضائل عديدة ثبتت من الأحاديث النبوية الصحيحة، ومن المهم فهم هذه الفضائل بشكل صحيح، فهي تعكس معاني التوحيد وتزرع في القلوب إيماناً راسخاً،ومن بين الفضائل المعروفة للقراءة، يمكن تلخيص بعض النقاط الرئيسية فيما يلي
1- تعادل ثلث القرآن
تُعتبر سورة الإخلاص مكافئة لثلث القرآن كما ورد في حديث أبي الدرداء رضي الله عنه،حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم “أَيَعْجِزُ أحَدُكُمْ أنْ يَقْرَأَ في لَيْلَةٍ ثُلُثَ القُرْآنِ قالوا وكيفَ يَقْرَأْ ثُلُثَ القُرْآنِ قالَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنِ”،هذا الحديث يعكس الأهمية الكبيرة لهذه السورة.
2- التحصن بها من كل سوء
يستحب قراءة السورة كجزء من أذكار الصباح والمساء، لما لها من فضل في تحصين النفس،ففي حديث عبد الله بن خبيب رضي الله عنه قال (قُلْ ” قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ “، وَالمُعَوِّذَتَيْنِ، حِينَ تُمْسِي وَتُصْبِحُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ).
3- من أذكار قبل النوم
روي عن السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه يقرأ في يديه {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}، وهذا يعبر عن أهمية هذه السورة في الحياة اليومية.
4- صفة الرحمن
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن أهمية السورة حيث قال لأحد الصحابة الذي كان يقرأها باستمرار أخبرُوه أنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ،هذا يعكس دعوة المسلمين لقراءة السورة والمحبة لله.
5- حب السورة، والتعبد بها يكون سببًا في دخول الجنة
ورد عن أحد الأنصار أنه كان يقرأ سورة الإخلاص في كل ركعة، ولما نصحه أصدقاؤه قال لهم ما أنا بتاركها إن أحببتم أن أؤمكم بها فعلت وإن كرهتم تركتكم،وعندئذ أخبره النبي صلى الله عليه وسلم أن حب السورة يُدخل الجنة.
6- تشمل القول الذي إذا دعي به يستجاب الدعاء
عندما قال رجل في التشهد اللهم إني أسألُكَ يا اللهُ الواحدُ الأحدُ، قال النبي صلى الله عليه وسلم قد غُفِرَ لهُ،هذا يدل على مكانة السورة في الدعاء.
عاقبة الكذب عن النبي صلى الله عليه وسلم
الكذب في الدين يعد من أكبر المحرمات، إذ أن نسبة ما ليس له أصل للنبي صلى الله عليه وسلم يعد من الضلال والابتداع،وقراءة سورة الإخلاص 3626 مرة، بالرغم من تداول هذا الأمر بين بعض الناس، يعد من البدع التي لا ينبغي فعله،عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ.
لذا يتوجب على المسلمين التحري والدقة في النقولات، والالتزام بما هو صحيح في العبادات،إن قراءة سورة الإخلاص 3626 مرة ليست صحيحة شرعًا، ومن الأجدر بالمسلمين أن يتمسكوا بالصحيح، ويسيروا على النهج الصحيح بعيدًا عن البدع.