تعتبر الآية الكريمة “فإن تولوا فقل حسبي الله” من الآيات التي تحمل بين طياتها معاني عميقة تلامس حياة المسلمين، وهي دعوة للتوكل على الله في مواجهة التحديات والصعوبات،فبينما تعرض النبي محمد صلى الله عليه وسلم للرفض والإعراض من قومه، جاءت هذه الكلمات لتكون مصدر إلهام وراحة للروح، مما يجعلها ملهمة لكل إنسان يواجه العقبات،وبهذا، سنسعى في هذا المقال لفهم كيف يمكن تحقيق هذه الوصية الربانية وأثرها في حياة العبد الوفي.
فإن تولوا فقل حسبي الله للمحبة
إن الله سبحانه وتعالى أنزل القرآن الكريم كعلاج شامل لكل جوانب الحياة الإنسانية، فهو يتضمن توجيهات وآداب تعتبر نواة للسعادة والنجاح،ومن يتدبر آياته وخاصة الآيات التي تتناول موضوع الهداية يجد أنها جاءت لتنير طريق المؤمنين في حياتهم،إذ يقول الله تعالى في كتابه العظيم “إن هذا القرآن يهدي التي هي أقوم” (الإسراء 9)،لذا ينبغي لكل مسلم أن يكون في جانب الله متبعًا لكتاب ربه وسنة نبيه، معتمدًا في ذلك على هديهما فقط.
لا يوجد للإنسان مخرج من همومه سوى أن يستحضر قوة الله في نفسه ويقبل على التمسك بدينه، كما يقول عز وجل في سورة يونس “يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور” (يونس 57)،هذه الآيات يعتبرها المسلمون هداية ورحمة من الله، وبالتالي يجب عليهم العمل بها والسير على نهجها في حياتهم.
عند النظر في المعاني الروحية العميقة للآية “فإن تولوا فقل حسبي الله”، نجد أنها تشير إلى أهمية الثقة بالله وإبعاده عن الشك،يجب علينا أن نفهم أن بعض الآيات قد تُفسير بشكل خاطئ، كما أن البعض يسيء استخدامها في أغراض ليست مما أنزل بها الله،فمثلاً، ما يُقال عن استعمال هذه الآية لجلب الأشخاص أو الحب هو أمر بعيد عن المعاني الحقيقية للنص القرآني، ويجب على كل عاقل أن يتبين معاني القرآن الكريم وينبذ التفسيرات الفاسدة.
تفسير قوله تعالى فإن تولوا فقل حسبي الله وسر نزوله
من الضروري أن يسعى المسلم لفهم القرآن الكريم بشكل جاد، وهذا يتطلب دراسة تفاسير الآيات وأسباب نزولها،فإن الآية “فإن تولوا فقل حسبي الله” تنطلق من سياق تاريخي يتعلق بموقف النبي محمد صلى الله عليه وسلم حينما تعرض للأذى والنكران من قومه الذين كذبوه بالرغم من صدقه وأمانته،وقد ضاق صدر النبي مما لاقى من أحزانه وآلامه حتى من أقرب الناس إليه.
تجدر الإشارة إلى أن هذه السورة، سورة التوبة، تمثل استمرارًا للحديث عن الأحداث المؤلمة التي مر بها المسلمون في بداية دعوتهم، تمامًا كما توضح مواقف الأعداء من المشركين والمنافقين وأنوائهم،آيات القرآن، من هذا المنطلق، لا تعطي المسلم الأمل فحسب، بل تعزز إيمانه بمدد الله في الأوقات الصعبة، مما يدفعه للتمسك بأمل دائم في رحمة ربه.
فقد جاء الإذن الإلهي للنبي بأن يتوكل على الله ويعتمد عليه في مواجهة كل هذه الضغوط، ولا ينبغي أن يضع ثقته في أحد غير الله سبحانه.
فضل قول (حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم)
تتعدد الأذكار التي ثبتت في السنة النبوية والتي تهدف إلى تحصين المؤمن من كل ما يعكر صفو حياته، وأكثرها شيوعًا قول “حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم”، والتي يجب ترديدها صباحًا ومساءً،فعن أبي الدرداء، رضي الله عنه، قال “من قال إذا أصبح وحين يمسي حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم سبع مرات، كفاه الله ما أهمه”.
- كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله “من قال حين يصبح وحين يمسي حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم، سبع مرات كفاه الله ما أهمه من أمر الدنيا والآخرة”.
ومع ذلك، يجب التذكير بأن استخدام الآية “فإن تولوا فقل حسبي الله للمحبة” ليس من الأحاديث الصحيحة ولا يُعتمد في السنة النبوية، لذا يجب على المسلمين الإقبال على الأذكار الموثوقة وما جاء في الأحاديث الصحيحة فقط،وهذا يتطلب منهم تحري الدقة في الاستناد إلى ما أُثبِت عن النبي صلى الله عليه وسلم في التوجهات الروحية.
لقد أدت الآية الكريمة “فإن تولوا فقل حسبي الله” إلى بناء ثقة كبيرة في قلوب المسلمين بقدرة الله على نصرهم، مما يعبر عن المعاني العميقة لهذه الوصية الربانية، والتي نحن بحاجة إلى فهمها وتطبيقها في حياتنا بإخلاص.