في عالم اليوم، يعتبر الزواج أحد أهم القرارات المرتبطة بحياة الفرد، ويطمح الكثير من الشباب والفتيات إلى الحصول على شريك حياة مناسب،في كثير من الأحيان يُرَون يلجؤون إلى الوسائل الروحية مثل قراءة السور القرآنية أو دعاء خاص لتيسير الزواج من شخص معين،في هذا المقال، سنستعرض هذه الممارسات بعمق، مستندين إلى الأفكار الشرعية والآراء الفقهية، بالإضافة إلى الأدلة المستندة من القرآن والسنة،ويبقى هدفنا تقديم فهم أعمق حول مشروعية هذه الأفعال في إطار الدين الإسلامي، فتابعوا معنا لنتناول هذا الموضوع الحسّاس.
سورة لتيسير الزواج من شخص معين
عندما نتحدث عن تيسير الأمور السيئة، نجد أنه من الضروري العودة إلى الفقهية والحديثية، فعند البحث في كتب الفقه والأحاديث الشريفة المتعلقة بالزواج، لم نجد أي دلالة على وجود سورة محددة تُقرأ لتيسير زواج شخص معين،إن الفقهاء المحدثين يرون أن هذا السلوك يُعتبر بدعة، وذلك لأن القرآن يجب أن يُقرأ وفقاً لما ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم،وبهذا، فإن أي صيغة أو طقوس غير مأخوذة عنه تُعتبر خرقاً للأصول الإسلامية.
وفقاً للأحكام الشرعية، من الضروري أن نأخذ التعاليم والعقائد من كتاب الله وسنة رسوله،كما جاء في قوله تعالى
“وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ (4)” (النجم)،فالمقصود هنا هو أن أي جديد يجب أن يثبت له أصلٌ من الشريعة.
لذا، لا يمكن لنا أن نتبع أو نختار وسائل جديدة لم تكن موجودة في زمن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويؤكد ابن قدامة في كتابه “المغني” على أن ما أُحدث في الدين ولم يكن موجوداً في الأصل هو مردود،وضرب مثالاً بحديث السيدة عائشة رضي الله عنها حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
“مَن أحْدَثَ في أمْرِنا هذا ما ليسَ منه فَهو رَدٌّ” (صحيح مسلم 1718).
دعاء مخصوص بتعجيل الزواج
إن الدعاء يعد من أعظم العبادات التي ينال فيها الإنسان الأجر والثواب، وهو يعبر عن افتقار العبد إلى الله ورغبته الحقيقية في إجابة دعوته،ولقد أُمر المسلمون بالدعاء في شتى أمور حياتهم، بما في ذلك ما يتعلق بالزواج،وقد وردت الآيات في القرآن الكريم التي تتحدث عن أهمية الدعاء وطلب العون من الله، كما جاء في سورة البقرة
“وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)”.
كما ورد في سورة غافر
“وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)”.
بالرغم من أن الدعاء مفتوح، فإن تحديد صيغة معينة أو دعاء ثابت يُعتبر بدعة،وهذا ما يتعارض مع أصول الدين،فمثلاً، بإمكان المسلم التوجه بالدعاء الذي دعا به نبي الله زكريا، كما ذكر في القرآن، حيث قال
“وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ” (الأنبياء 89).
إضافة إلى ذلك، ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم نصائح ووسائل يمكن أن يتبعها المسلمون في بحثهم عن السعادة في الزوج، مثل الدعاء الذي قدمه للنبي فاطمة رضي الله عنها.
قراءة آيات معينة بترتيب مختلف بنية الزواج
من المتعارف عليه شرعاً أن قراءة القرآن لا يجب أن تتغير أو تُحرف؛ إذ لم يرد عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أي توجيه حول قراءة الآيات بترتيب مختلف لتحقيق أهداف خاصة،فهذه الطريقة تُعتبر تنكيساً، وهو ما حرمه غالبية الفقهاء، لأنه يُعد تغييراً لما أنزله الله،إن قراءة الآيات بترتيب مختلف قد تؤول إلى عدم احترام البلاغ الإلهي.
كما أن بعض العلماء، مثل المالكية، يرون أن فعل ذلك داخل الصلاة يؤدى إلى بطلان الصلاة،في كتاب “بلغة السالك لأقرب المسالك” للأمام الصاوي الخلوتي، يُشدد على أنه يجب احترام ترتيب الآيات وعدم تغييرها أو التلاعب بها.
في الختام، ناقشنا في هذا المقال مسألة قراءة سور أو آيات معينة بغرض تيسير الزواج من شخص معين،تناولنا الآراء الفقهية حول هذا الموضوع، لنؤكد على عدم مشروعية هذه الممارسات،ندعو الله أن يرزق جميع عباده الزوج الصالح، وأن يرزقهم الهدى والسعادة في حياتهم،فالأفضل دائماً هو الالتزام بالتعاليم الدينية دون أو نقصان.