ثلاثة لا يدخلون الجنة هي جملة مُقتطفة من حديث صحيح لرسول الله عليه وسلم، وتشير إلى ثلاثة صنوف من الناس الذين يتحملون عواقب أفعالهم في دنياهم،ففي هذا الحديث، نجد دعوة من النبي الكريم للتحذير من بعض الممارسات التي تجعل الفرد بعيدًا عن رحمة الله، مما يستدعي من المسلمين التفكير في سلوكياتهم والعمل على تصحيحها،يتناول هذا المقال الحديث الشريف وأثره في توجيه الأخلاق والسلوك للمجتمع الإسلامي.
ثلاثة لا يدخلون الجنة
الحديث الذي ورد فيه جملة “ثلاثة لا يدخلون الجنة” هو
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “ثلاثةٌ لا ينظرُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ إليهم يوم القيامة؛ العاقُّ لوالديه، والمرأةُ المترجِّلةُ، والدَّيُّوثُ، وثلاثةٌ لا يدخلونَ الجنَّةَ العاقُّ لوالديه، والمدمنُ على الخمرِ، والمنَّانُ بما أعطى” (صحيح النسائي 2561)
متن آخر لحديث ثلاثة لا يدخلون الجنة
هناك متن آخر لنفس الحديث -صحيح أيضًا- لكنه بسند مختلف هو
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال “ثلاثةٌ قد حرَّم الله عليهم الجنة مُدمنُ الخمر، والعاقُّ، والدَّيُّوثُ الذي يُقِرُّ في أهلِه الخبثَ” (صحيح الجامع 3052).
متن آخر لحديث ثلاثة لا يدخلون الجنة
كما أنه هناك متن آخر لحديث يحمل جملة ثلاثة لا يدخلون الجنة هو
عن أبو موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “ثلاثةٌ لا يدخلون الجنَّة مُدمنُ الخمر، وقاطعُ الرَّحِم، ومُصدِّقٌ بالسِّحر” (صحيح الترغيب 2539)
الحديث الثالث
هذا الحديث هو أيضًا صحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم، لكنه لا يحمل جملة ثلاثة لا تدخلون الجنة، ولكنه جاء بمترادف لها، والمتن يحمل نفس المعنى،والحديث هو
عن أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “أَرْبَعٌ حَقٌّ على اللهِ أن لا يُدْخِلَهُم الجنةَ، ولا يُذِيقَهم نَعِيمَها مُدْمِنُ خَمْرٍ، وآكِلُ الربا، وآكِلُ مالِ اليتيمِ بغيرِ حقٍّ، والعاقُّ لوالديه” (الجامع الصغير 922).
كما أن هناك عددًا كبيرًا من الأحاديث التي تحمل نفس المعنى أو الألفاظ لكنها غير صحيحة فلن نذكرهم لضيق المقام.
يُعرفنا الرسول صلى الله عليه وسلم من خلال تلك الأحاديث على كبائر الذنوب التي تجعل العبد في موقف ضعيف عند الله تعالى.
شرح الحديث
في حديثنا، تشير كلمة “ثلاثة” إلى أسماء من الناس الذين يرتكبون أفعالاً تكون عاقبتها عدم رؤية الله لهم يوم القيامة، وهذا أمر يبعث على التأمل والتفكير،فالعاق لوالديه يقطع صلته برحمة الله، اللهم اجعلنا ممن نطيع والديهم بكل ما هو حلال وقريب إلى الله سبحانه وتعالى.
الصنف الأول العاقُّ لوالديه
العاق يعني الذي يعص والديه، وهو من أكبر الذنوب كما أشار له النبي،أضاف ابن منظور في لسان العرب أن العاق هو الذي يقطع صلته بأهله،وهذه الأفعال تتعارض مع تعاليم الدين الإسلامي التي تحث على بر الوالدين،في القرآن الكريم هناك آيات بارزة تحث على البر والإحسان إلى الوالدين، وقال الله تعالى “وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا”.
الصنف الثاني المرأة المترجِّلة
ورد في الحديث أن المرأة المترجلة هي التي تتشبّه بالرجال في أسلوب لباسها ومظهرها، ويعبر ذلك عن سلوكيات تتعارض مع أخلاق الأمم،وقد حرّم النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذه الأفعال ووضّح أن العفة والطاعة تأتي من التمسك بالأخلاق الإسلامية.
الصنف الثالث الديّوث
الديّوث هو الرجل الذي لا يحافظ على كرامة أهله وحرمتهم، وهو أمر يتنافى مع مبادئ الشرف والكرامة المتأصلة في الثقافة الإسلامية،ولقد بيّن الرسول صلى الله عليه وسلم أن الغيرة على الأهل من الأمور التي يحث عليها الإسلام.
الصنف الرابع المدمن على الخمر
المدمن على الخمر هو الذي يشربها بانتظام، ويعرف الجميع أن الخمر محرم في الإسلام،بل وقد قُدّر له عواقب وخيمة في الدنيا والآخرة، لكنه لا يستجيب لنداء الحق.
الصنف الخامس المنّان بما أعطى
المنان هو الذي يمنّ على الناس بفضله وعطائه، وهذا يصير مع الوقت سببًا للإيذاء النفسي للمانع مما يولّد كرهًا وتنفيرًا.
الصنف السادس آكل مال اليتيم بغير حق
أكل مال اليتيم هو من أكبر الكبائر التي أشار لها الرسول صلى الله عليه وسلم بشدة،تقع على الفرد مسؤولية كبيرة في حماية المال اليتيم والتأكد من عدم استغلاله،وقد ذكر الله في القرآن الكريم عواقب هذا الفعل بقوله “إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنما يأكلون في بطونهم نارًا.”.
الصنف السابع قاطع الرحم
قطع الرحم يعبر عن فسخ العلاقات الأسرية، وهو أمر نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم،فالذي يقطع صلته بأهله فهو موصوف بالخسارة في الدنيا والآخرة.
الصنف الثامن مصدق بالسحر
الشخص الذي يصدق بالسحر يتبع السحرة ويؤمن بما يدّعيه من مقدرات، وهذا أمر يناقض التوحيد الذي يدعو له الإسلام،وقد حرّم العلماء انخراط المسلم في هذه الممارسات السحرية، وأجمعوا على خطورتها.
بعد هذا النقاش الشامل حول الأحاديث الشريف ومعانيها، نجد أن الدين الإسلامي دين ينهى عن الكبائر ويدعو إلى الأخلاق الفاضلة،يجب على المسلمين أن يستفيدوا من هذه الأحاديث بالأخص في حياتهم اليومية،فالعاق، المدمن، والديّوث وغيرهم هم نماذج يجب الحذر والمسارعة لعدم الانتماء إليهم من خلال تصحيح سلوكياتنا.
نسأل الله أن يرشدنا إلى سواء السبيل، ونسأله العفو والغفران،يجب أن يتفحص كل منا ذات نفسه ويتفكر في أفعاله،وبركاته عليه وعلى آله وصحبه.