إنَّ ذكر الله يُعَدُّ من أيسر العبادات وأهمها في الإسلام، ويمثل وسيلة للتقرب إلى الله سبحانه وتعالى،يستعرض هذا المقال مفهوم الذكر، ومكانته في الإسلام، وتفضيل الذكر في السر والجهر، ويُنقاش الآية الكريمة 191 من سورة آل عمران،كما يهدف هذا البحث لإلقاء الضوء على كيفية الذكر وأهميته في حياة المسلم، ليكون دليلاً يُساعد المؤمن على التفكر والتأمل في خلق الله وفضله، مما ينعكس إيجابياً على حياة الفرد والمجتمع،
ذكر الله
- يعتبر الذكر في الإسلام من العبادات المهمة التي تُقرب العبد من الله، ومن السهل على كل مسلم تحقيقها،وقد قارن العلماء حاجة الإنسان إلى ذكر الله، بحاجته إلى الطعام والشراب والهواء، إذ إن ذكر الله يُعزز من الروحانية ويشبع الحاجات النفسية.
- قال الله تعالى في سورة الأحزاب “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذكروا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً”.
- وفي سورة آل عمران، قال تعالى “إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ، الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ”.
- يُعتبر الذكر غذاءً للروح والعقل، حيث إن ذكر “لا إله إلا الله” يُعدُّ أفضل أنواع الذكر، والذِّكر بشكل عام يتضمن الثناء على الله وذكر صفاته،
1- الذكر في السر والجهر
- يُشرع ذكر الله تعالى في كل من الجهر والسر،ورغَّب النبي صلى الله عليه وسلم في كلا النوعين، إلا أن العلماء اتفقوا على أن الذكر جهرًا يكون أفضل إذا كان خاليًا من الرياء،
- أو إذا كان خاليًا من إيذاء المصلين أو أي أشخاص آخرين، مستندين على بعض الأحاديث، من بينها قول النبي صلى الله عليه وسلم
- يقول الله “أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني”.
- هذا الحديث ورد في البخاري والترمذي وابن ماجه،
- كما ثبت عن عبد الله بن عباس أنه كان يشير إلى أن رفع الصوت بالذكر بعد انتهاء الصلاة كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم،
- وقال ابن عباس “كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته”.
- تُظهر الأحاديث والتفاسير المتعددة أهمية الجهر بالذكر وكيفية الحكم عليه،
2- الذكر بالقلب واللسان
- الذكر ينقسم إلى ثلاث حالات،الأولى ذكر الله باللسان والقلب،الثانية ذكر الله بالقلب وحده،الثالثة ذكر الله باللسان فقط،وتتفاوت درجاتها المذكورة في فضل الذكر.
- وقد أشار الحافظ ابن حجر العسقلاني إلى أنه لا يُشترط حضور قلب المُذكر لمعاني الكلمات، ولكن يجب أن يكون القصد لذكر الله فقط،وتُعد إذن مزيج الذكر بالقلب واللسان هو الأفضل.
- ذكر الإمام ابن القيم أن ذكر القلب هو من يُثمر الفهم والمحبة والخوف من الله،
- حيث إن ذكر القلب ينمي الوعي ويزيد من التجربة الروحية، وله فوائد عديدة تجعله يظل أفضل بكثير من ذكر اللسان فقط، رغم أن كليهما يحمل أجرًا وثوابًا.
- كما يُساعد الذكر باللسان على طرد الشرور والباطل، حيث يعتبر حماية لللسان من الغيبة والنميمة،وقد دَعم ابن عباس هذا المعنى في آية “مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ” التي تشير إلى أن الشيطان يحاول التأثير على القلب، بينما الذكر هو الحصن منه.
- كما يُعتبر الاستغفار باللسان طاعة حسنة، ويتطلب الانتباه لضرورة حضور القلب والتدبر أثناء ذكر الله وأيضًا عند قراءة القرآن،
3- ذكر الثناء والدعاء والرعاية
- يمكن تقسيم الذكر حسب الموضوعات إلى ذكر الثناء، وذكر الدعاء، وذكر الرعاية،ذكر الثناء يُمثل العبارات مثل “سبحان الله وبحمده”، و “الحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر”.
- أما ذكر الدعاء فيتمثل في الآيات والأدعية المُستجابة مثل “ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا لنكونن من الخاسرين”.
- ويُظهر ذكر الرعاية كيفية تأثير ذكر الله على النفس، مثل القول “الله معي، والله ناظر إلي”،هذا النوع يُذكر المؤمن برعاية الله له والمراقبة الدائمة،
- يساعد ذلك في التحصين من الشيطان ويحفز العبد على التصرف بحب وودي،
تفسير آية “الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم”
1- التفسير الميسر
- في الآية 191 من سورة آل عمران، يقول الله “الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ”،ينبهنا الله إلى أن هؤلاء يُذكرونه في جميع حالاتهم المختلفة.
- ويستغرق تفكيرهم في التقدير والتحليل لخلق السماوات والأرض،يعبّرون عن حبهم وقربهم من الله بالاستغفار، مختتمين بعبارة”فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”.
2- تفسير الجلالين
- تعتبر “الذين” هنا تعبيرًا يشير إلى الصالحين المذكورين سابقًا، يُجسد وصف الله لهم كمن يذكرونه في جميع حالاته،وبرز في الأحاديث أيضًا أنهم يُصلون حسب القدرة.
- هذه الآية الجديرة بالتفكر تُبرز قدرة الله، وتُشجع العباد على الربط بين وجودهم وبين خلق الله.
3- تفسير السعدي
- تشير كل هذه الآيات إلى أهمية ذكر الله في جميع الأحوال، سواء كان الإنسان قائمًا أو جالسًا أو مستلقيًا.
- كما تُظهِر أن التفكر في خلق السماوات والأرض من علامات العارفين بالله، وهذه العبادة تُساعد على فهم المعنى الحقيقي لوجود الخالق.
فوائد ذكر الله
تتعدد فوائد ذكر الله عز وجل بشكل كبير، منها
- أن ذكر الله يرضي الله، كما يُساهم في إزالة الهموم، وتترك انعكاسات إيجابية على الروح، مما يجلب الفرح والسعادة،كما يُعزز القوة البدنية، ويعمل على طرد الشياطين، ويُضيء الوجه ويجلب الرزق.
- ضعفـة الذاكر عند ذكر الله تتجسد في الهيبة والحلاوة، وهي تمنح المحبة للذكر، وتجعل القلب مراقبًا وموصولاً بالله.
- يُعزز ذكر الله من التقرب إلى الله، مما يساعد العبد على الاعتراف بفضله ويُنجيه من عذاب الآخرة.
في ختام هذا المقال، تم تناول موضوع ذكر الله وأهميته الكبيرة في حياة المسلم، بالإضافة إلى مناقشة فوائد الذكر وأحكامه،ومن خلال التأمل في الآيات القرآنية، يمكن للناس أن يُدركوا قيمة الذكر وأثره في النفس والعقل، نسأل الله أن يجعلنا من الذاكرين له دائمًا ومن المغفور لهم برحمته.