الفرق بين المؤمن والمسلم هو موضوع يتطلب تفكيرًا عميقًا واستيعابًا شاملًا،يعيش الكثير من الناس تحت مظلة الإسلام، ولكن يتفاوت إيمانهم ودرجة تقواهم،من الجدير بالذكر أن الفهم الصحيح لهذا الفرق يساعد الأفراد على تحقيق إيمانهم الحقيقي والسعي نحو قرب الله،عندما نتحدث عن الإيمان، نتحدث عن العقيدة والمشاعر الباطنة، بينما يتضمن الإسلام الأسس والأعمال الظاهرة،يسعى هذا المقال إلى توضيح تلك الفروق المهمة وتأصيل الإيمان في قلوبنا.
الفرق بين المؤمن والمسلم
- من الواجب أن نشكر الله على نعمة الإسلام، حيث منحنا الفرصة للعيش في دينه،لم يخلقنا على ديانات أخرى مثل النصرانية أو اليهودية أو المجوسية، بل أكرمنا بالإسلام.
- تستند لفظتا “مؤمن” و”مسلم” على معاني متعددة، فمن المؤكد أن كل مؤمن هو مسلم، لكن ليس كل مسلم يعتبر مؤمنًا.
- يوجد الكثير من المسلمين الذين قد يكون إيمانهم ضعيفًا، كما أن بعضهم لم يدخل الإيمان قلوبهم بسبب أعمالهم وذنوبهم التي قد تشغلهم عن ذكر الله وطاعته.
- لذا، يتوجب على كل مسلم فهم الفرق بين الإسلام والإيمان، مما يساعده على تعزيز إيمانه في قلبه والسعي نحو تحسينه.
- الإيمان يرتبط بالأعمال القلبية الباطنة مثل الإخلاص في العبادة، والمحبة، والرجاء، والخوف من الله، والذل له.
- كلما وجدت شخصًا يبتعد عن الشبهات ويخاف الله في أفعاله، فهذا يمكن أن يدل على أن الإيمان قد سكن قلبه.
- يجب إدراك أن الإيمان ينمو وينقص، حيث تزيد الطاعات، والصدقات، والأعمال الصالحة، والعلم من إيمان الفرد.
- بينما تزيد المعاصي والغفلة والكذب من نقص الإيمان، مما يبعد الفرد عن الله، لذا يجب متابعة حالة القلب عن كثب.
- أما الإسلام فيشير إلى الأعمال الظاهرة التي قد تكون مصحوبة بإيمان داخلي، أو لا يكون هناك شعور بحلاوة الإيمان لدى الشخص.
- أشار شيخ الإسلام ابن تيمية، أن كلمة “إيمان” قد تستخدم بمفردها أو مقترنة بالإسلام، حيث يمكن أن تتضمن الإسلام في معانيها.
- إذا ذُكِرت “الإيمان” بمفردها، قد تتضمن في معناها الإسلام، والتي تدل على أهمية العمل الصالح.
- قال ابن العثيمين إن هذين الاسمين يُعبران عن حالتين، حيث يرتبط الإسلام بالأفعال الظاهرة وعمل اللسان، بينما يرتبط الإيمان بالإقرار الداخلي.
- ويكفي دليلاً على ذلك قول الله تعالى “قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ” [الحجرات:14].
- فالإيمان هو الاستسلام الباطن، الذي يتطلب إقرار القلب وأعمال مؤمن.
- ولتوضيح الفرق، نجد أن امرأة لوط كانت تظهر بمظهر مسلم، ولكن في باطنها كانت مخالفة ومنافقة، مما أفضى بها إلى العقوبة.
الفرق بين المؤمن والمسلم في القرآن
- تُعتبر مسألة الفرق بين المؤمن والمسلم من الأمور الحاسمة، حيث قال العلماء إنهما إذا اجتمعا افترقا والعكس صحيح.
- عند وجود آية تجمع بين الإسلام والإيمان، فإن الإسلام يعني الأعمال الظاهرة والإيمان يعني الاعتقادات التي يعتقدها المؤمن.
- عندما تظهر آية تشير إلى لفظ الإسلام بمفرده، فإنه قد يتضمن في معناه الإيمان كما في قوله تعالى “إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ” [آل عمران:19].
- بينما إذا ذكرت الآية كلمة الإيمان بمفردها، فغالبًا ما يتضمن معناه الإسلام، يقول تعالى “وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْأِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ” [المائدة:5].
- لذا، نحكم على الشخص المنافق بأنه مسلم، ولكن لا يمكنا أن نطلق عليه مؤمن، إذ أن قلبه برغم ظاهره فارغ من الإيمان.
- لذا نطالب دائمًا بتجنب خصلة النفاق التي تعني غياب الإيمان عن القلب، ونسأل الله أن يطهر قلوبنا منه.
هل كل مسلم مؤمن
- هذا السؤال يعكس بوضوح الفرق بين المؤمن والمسلم، حيث أن الشخص الذي يقوم بما يأمره الله ويتجنب ما ينهاه عنه، يكون مؤمنًا كامل الإيمان.
- أما من يقوم بأداء الواجبات فقط، فينعت كمسلم لكنه قد لا يكون مؤمنًا بشكل كامل.
- عند وجود المعاصي ونقص في العبادات، يُعتبر هذا الشخص مسلمًا ولكنه ليس مؤمنًا مكتمل الإيمان.
- يمكن أن يُطلق عليه مؤمن ناقص، في حين يُعتبر المؤمن الكامل هو الشخص الذي يسير على الطريق المستقيم.
- معنى ذلك أن الإسلام يشمل جميع الأفراد، سواء كانوا عاصين أو طائعين، كالأشخاص الذين يطلق عليهم مسلمون رغم أنهم قد يقعون في المعاصي.
- يعد أهل السنة أن المسلم يُطلق عليه هذا الاسم، ونادرًا ما يُعتبر مؤمنًا إذا كان مرتكبًا للذنوب.
- في حال أطلق عليه لقب مؤمن، من الأفضل وصفه بأنه مؤمن ناقص أو عاصٍ.
ما الفرق بين المسلم والمؤمن والمحسن
- لقد منَّ الله علينا بأن جعل لنا منهجًا واضحًا في الحياة يتضمن القرآن والسنة، مما يساعدنا على السير في الطريق المستقيم.
- قدم رسول الله لنا تعريفًا واضحًا يبين الفرق بين المسلم، المؤمن، والمحسن.
- وعند سؤال جبريل عن معنى الإسلام، أشار إلى أن الإسلام يتمثل في الشهادتين، وإقامة الصلاة، وزكاة المال، وصوم رمضان، وحج البيت إن استطاع.
- أما الإيمان فيعني الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والإيمان بالقدر خيره وشره.
- ثم وجد جبريل أن الإحسان هو عبادة الله وكأنك تراه، وإن لم تكن تراه فهو يراك.
- وبذلك نجمع في هذا الحديث بين مراتب الدين الثلاثة الإسلام، الإيمان، والإحسان.
- اتفق جمهور أهل السنة على أن المؤمن يتمتع بدرجة أعلى من المسلم، بينما الإحسان يُعتبر أعلى منهما.
- لذا، يجب علينا أن نعمل جاهدين لتحقيق هذه المراتب لنسعد برضا الله، فهنيئًا لمن بلغ هذه الدرجات.
صفات المؤمنين
- ينبغي على المسلمين أن يسعوا جاهدين لتحقيق صفات المؤمنين والابتعاد عن الصفات السلبية.
- تصقل هذه الصفات شخصية الفرد، وتجعله يدرك الفرق الحقيقي بين المؤمن والمسلم،وقد أوضح الله صفات المؤمنين في القرآن الكريم.
- يشمل ذلك أن المؤمنين لا يشهدون الزور كما ورد في قوله “وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ” [الفرقان:72].
- كما أن المؤمنين يعظمون الله ويقبلون إليه بقلوبهم.
- يتصدق المؤمنون سعيًا لطاعة الله كما في قوله “تَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ” [السجدة:16].
- يحافظ المؤمنون على الصلاة في أوقاتها ويؤدون الزكاة كما أمرهم الله.
- كما أنهم يحرصون على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
- ويتجنبون أماكن الفتن والشبهات والشهوات.
- من الضروري أن يمارس المؤمنون الأعمال الصالحة القريبة إلى الله.
- تكون أقوالهم وأفعالهم صادقة، فإذا زاد الإيمان في القلب، فإن الجوارح تفعل ما يرضي الله.
- على المؤمنين الالتزام بسنن الرسول ونصائحه؛ لأن طاعته تعني طاعة الله.
بهذا تنتهي رحلتنا في الحديث عن الفرق بين المؤمن والمسلم،نأمل أن تكونوا قد استفدتم من المعلومات المقدمة، ونسعى جميعًا لنكون من المؤمنين الذين يتحلون بتلك الصفات العظيمة.