أبوالغيط والصراع مع إسرائيل

أبوالغيط والصراع مع إسرائيل

وسيكون من الظلم للسفير أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية أن نتوقع منه الكثير عن مسار الأحداث في المنطقة من الحرب الإسرائيلية الهمجية في غزة ولبنان. وفي النهاية فإن الرجل ليس له أي قدرات خاصة، وهو كأمين عام للجامعة ليس أكثر من تعبير عن مجموع صلاحيات وإرادات الدول العربية الأعضاء في الجامعة. ولذلك نرى أن البعض ربما تمادى في محاولة تقديم ما قاله أبو الغيط في مقابلته مع الصحفي أحمد موسى على قناة “صدى البلد” على أنه دفاع عن الرواية الإسرائيلية حول ما حدث يوم 7 سبتمبر.

ليس الأمر كذلك على الإطلاق، لكن المعضلة هي أنه بحكم منصبه يجب أن يزن كلامه بميزان ذهبي، مما يعني أنه لا بد من وجود شيء من الدبلوماسية بينهما، بعض التلميح لما يسكت عنه، وبعض الصراحة، أي الكوكتيل الأصح من… مواقف تدخل في خانة إعلان موقف خاص بتنظيم يفترض أن يمثل العرب جميعا.

وبالتالي فإن كل ما قاله أبو الغيط في الحوار المذكور جيد. لقد قال ما ينبغي أن يقال وفي حدود ما ينبغي أن يقال، بحيث يمكن القول أنه لا توجد اعتراضات تذكر على ما قاله في الحوار. وفي علاقاتنا مع الجامعة، لا يجب أن ننسى أنها ضعيفة، وأن ضعفها هو انعكاس لاختلاف المواقف العربية، ليس فقط في مواجهة الأطراف غير العربية، بل أيضاً في مواجهة الأطراف العربية نفسها.

ولو قمنا بتوسيع نطاق رؤيتنا لأدركنا أن الأمر لا يقتصر على الجامعة فقط، بل على المنظمات الدولية ككل. خذ على سبيل المثال الأمم المتحدة التي مركزها مجلس الأمن. ماذا فعلوا بالحرب الإسرائيلية لا شيء، لكنه وصل إلى النقطة التي بدا فيها الأمر وكأنه خيال الموت. بمعنى آخر، من الواضح أن هناك تغيراً في نمط العلاقات الدولية المعاصرة إلى درجة أن فكرة تأثير المنظمة، أو المنظمات الدولية السياسية أو حتى العسكرية، بما في ذلك منظمة مثل حلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي تضاءل دوره إلى حد الانقراض، لكن النقطة واضحة لقد تزايد بشكل كبير مع الجامعة العربية.

وبالعودة إلى الحوار بين أبو الغيط ممثلاً للجامعة العربية فكلامه يدل على أنه ينطلق من رؤية واقعية وليست واقعية، وهذا في حد ذاته للأسف، في ظل وضعنا العربي المتردي، يعتبر إيجابياً. شيء. ولا يتجاهل أن إسرائيل تمثل خطراً على العرب برمتهم بسبب تخويفها من القدرة على الوصول إلى أي منطقة في المنطقة، وهذا في حد ذاته قد يمثل نوعاً من الرفض والانتقاد لبعض الادعاءات العربية الرسمية وغير الرسمية بشأنها. السلام، ومن وجهة نظر أبو الغيط، قد يكون السلام بعيد المنال.

بل بدأ الرجل يتحدث عن تناقض الخطاب الإسرائيلي، وبالتالي العرب الذين يروجون لهذا الخطاب، مشيراً إلى مفارقة الالتزام بأكثر من 45 عاماً من المعاهدات والسلام كخيار استراتيجي، في حين أن تل أبيب يتحدث عن التوسع وإسرائيل الكبرى كما قال!

المشكلة التي ربما حاول أبو الغيط التغلب عليها دون إنكارها هي أن القضية الفلسطينية للأسف لم تعد قضية العرب كلهم، وحاول أن يجد تفسيرا لرؤيته التي لم ينجح فيها تماما. المشكلة أيضًا أن القضية وصلت إلى حد أن بعض العرب يعارضون القضية الفلسطينية، لكن لا المجاملة ولا المنطق يمكن أن يقود مسؤولًا في موقف أبو الغيط إلى أن يأتي بهذا الاقتراح، ونذكرهم هنا بفكرة وزن الكلمات على الميزان الذهبي.

والخلاصة هي أن الجامعة العربية ليست أكثر من مرآة لأحوال أعضائها. من المؤكد أن معاملتها بهذه الشرح طريقة ستريحك أنت وعقل الجميع!

‏[email protected]